من كتب الرسالة الى العبرانيين ؟

لعل من ابرز وأهم الاسفار التى يعترض عليها المعترضون هى الرسالة الى العبرانيين , ومن هذه الاعتراضات " اسم صاحب هذه الرسالة " , ونحن فى " موقع المفاهيم والاصطلاحات اللاهوتية " لنــــرد على مثل هذه الشبهات والاعتراضات .

قد جَاءَتْ الرِّسالةُ مِنْ دُونِ ذِكْرِ اسْم رَاسِلِهَا، وَتَسَبَّب هذا في كثيرٍ مِنَ اللّغَطِ حَول اسْمِ الكاتب، وَأَمَّا عَنِ الدَّليلِ الخارجيّ فَهُوَ قَويٌّ جِدًّا وَفِي صالحِ الرَّسول بُولُس بِغَضّ النَّظَرِ عَمَّنْ قَال إِنَّ الرَّسول كتبها فِي اللُّغَةِ العبريَّة وَتَرجمها آخر إِلى اليونانيَّة وَقَالُوا يُحْتَمل أَنْ يَكُونَ المُتَرجِم هُوَ لُوقَا. وَلَكِن وُجِدَ مَنْ قَالَ بِغَيْرِ بُولُس وَمُعْظَم هَؤلَاء مِنَ النُّقَّادِ الْمُحْدَثِين، بِدْءًا مِنْ لُوثر يَنْفُونَ نِسْبَتهَا
إِلى بُولُس الرَّسُول عَلَى أَساسِ الدَّلِيل الدَّاخليّ، وَقَالُوا :

1  .  أَسْلُوب كَاتبِ الرِّسَالةِ يَخْتَلِفُ عَنْ أَسْلُوبِ بُولُس.
2.    طَرِيقة تَفْكِيرهِ تَخْتَلِفُ.
3.    أَفْكَارهُ تَخْتَلِفُ.
4.    كَذَلِكَ اسْتَنَدَ بَعْضَهمْ إِلى أَن (عَبْ2: 3) تَعْنِي أَنَّ كَاتِبَ الرِّسالةِ لَمْ يَكُنْ مِمَّن سَمَعَ الرَّبَّ فِي خدمتهِ بالجسدِ، بَعَكْسِ مَا يَقولهُ بُولُس عَنْ نفسهِ بِأَنَّه تَلقَّى الإِعْلان وَالدّعوة مِنَ الرَّبِّ نَفْسهِ (غَل1: 12؛ أَفَ3: 3، 4).
   أَمَّا عَنْ طَريقةِ التَّفكِيرِ وَالأَفْكَار، فَلَا تَخْتَلِفُ فبالرّغمِ مِنْ اخْتِلَافِ المكتوب إِليهم عَمَّن كُتِبَتْ إِليهم رسائل بُولُس الأُخرى، وَاخْتِلَاف مَوضُوع هَذِهِ الرِّسالة عَنْ تِلْكَ الرَّسَائل، وَاخْتِلَاف ظُرُوف العبرانيِّين عَنْ الآخرين، وَبِالرَّغمِ مِنْ أَنَّ غَرضَ الكتابةِ مُخْتَلِفٌ، فَكُلّ هَذِهِ تَجْعَل الكاتب يَأْتِي بِمَا يَخْتَلِف مِنَ الأَفْكَارِ باخْتِلَافِ الموضُوع أَوْ هَويّة الْمَكْتُوبِ إِليهم وَظُروفهم. فَفِي ذَاتِ رِسَالةِ بُولُس الرَّسول الثَّانِية إِلى أَهْلِ كُورِنْثُوس نَجِدُ فِي الإِصحَاحَاتِ 1- 9 مَا يَخْتَلِفُ عَنْ
 10- 13؛ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ يَنْفِي كِتَابة الرَّسُول بُولُس لَهَا وَلَا حتَّى رَافِضُو وحدتهَا.
   وَمَع ذَلِكَ فَفِي العبرانيّين ذَات الأَفْكَارِ البُوليسيَّة الكَائنة فِي رَسَائلِهِ الأُخْرَى، مَثَلًا:
(أ‌)    التَّعْبِير عَنِ الطَّبِيعَةِ البشريَّة باللَّحْمِ وَالدَّمِ (عَبْ2: 14= 1كُو15: 50).
(ب) التَّعْبِير عَنْ صُعُودِ المسيح إِلى مَا هُوَ أَعْلَى مِنَ السَّمَواتِ (عَبْ7: 26= أَفَ4: 10).
(ج) مَجْدُ المسيحِ صُورة الله (عِبْ1: 3= كُو1: 15؛ 2كُو4: 4).
(د) مُلْكُ الْمَسِيحِ مُعَبَّرًا عَنْهُ بوضعِ أَعدائهِ تَحْتَ قدميهِ (عِب10: 13= 1كُو15: 25).
(هـ) مُنَاسَبَات الْعَهْدِ القديم وَطُقوسهُ كَظِلِّ الأُمورِ العتيدة وَشِبْه السَّمَاويَّات وَظِلّهَا (عَبْ10: 1، 5، 8= كُو2: 17) وَتُوجد أَفْكار أُخْرَى تَشْتَرك العبرانيّين فِيهَا مَعَ كِتَابَاتِ الرَّسول.
   وَأَمَّا طَرِيقةُ تَفْكيرهِ فَأَيْضًا بالرَّغمِ مِنْ اخْتِلَافِ موقف الرَّسول -وَهُوَ يُعِدُّ مَنْهَجًا يُشِد فِيهِ بِنَصِيبِ أَتْبَاعِ المسيح وَتَفوّقهم عَلَى مَنْ لَازالوا فِي اليهوديَّةِ– عَنْ موقفهِ الْمُؤَدّب لِكُورِنْثُوس الَّتِي تُتَشَكّك فِي رَسُولِيَّتِهِ، وَالْمُوبّخ لِغَلَاطِيَّة الَّتِي انْسَاقَتْ إِلى اليهوديَّة، وَالمُصَحّح لِفِكْرِ كُولُوسِّي الَّتِي كَانَتْ عُرْضَةً لِضَلَالَةِ الغُنُوسِيِّين....إِلخ. وَمَعَ هَذَا فَعَلَى الأَقْلِّ تُوجد خَاصِية بُولُس الرَّسول الَّذِي يَعْرُضُ لَهُ فِكْرٌ، فَيَتْرُكُ مَوضُوعهُ مُؤْقّتًا مُدِخِلًا فِي سِيَاقِهِ فَصْلًا اعْتِرَاضِيًّا يَطُول أَوْ يَقْصُر ثُمَّ يَعُود إِلى موضوعِهِ السَّالف مَرَّةً أُخْرَى.
   وَمَنْ قَالَ إِنَّ بُولُس الرَّسول رَأَى الرَّبَّ يَسُوع رُؤْيَا الْعَين أَوْ سَمِعَ بِأُذُنِيهِ تَعاليمهُ؟ فَإِعْلَانُ الرَّبِّ للرَّسُولِ كَانَ بِحَدِّ تَعْبِير الرَّسول ذاتهِ عَنْ مَوضُوعِ «أَنَّ الْأُمَمَ شُرَكَاءٌ....» (أَفَ3: 2-7). وَلَكَن مَاذَا يَقُول هَؤلَاء الْعُلَماء عَنْ قَولِ الرّسول بُولُس «لِأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا» (1كُو11: 23) وَمَا قَالهُ عَنْ تَعْلِيمِ القيامة «فَإِنِّي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الْأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا» (1كُو15: 3)؟ هَلْ يَعْنِي هَذَا أَنَّ الرَّسُول لَمْ يَكْتِبْ الرِّسَالة الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوس؟
   أَمَّا عَنْ أَسْلُوبِ الرِّسَالةِ فَإِليكَ 53 دَلِيلًا عَلَى تَشَابُهِ أَسْلُوب كَاتبِ العبرانيِّين مَعَ أَسْلُوبِ بُولُس، مِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ بُولُس ذَاتهُ، لِأَنَّ هَذِهِ التَّعْبِيرَات الآتية تُعْتَبر ظَاهِرَةً فِي أَسْلُوبِ الرَّسول:
(1) عِبْ1: 13 اقْتِبَاس مِنْ (مَزْ110: 1؛ 8: 6)= 1كو15: 25.
(2) فِي رِسَالةِ العبرانيّين يَبْرُزُ كَون المسيح أَعْظم مِنَ الملائكةِ كَخَالِقٍ وَمُعْتَنِي. ص 1، 2= كو1.
(3) عَبْ10: 22- 24 تُنَبِّرُ عَلَى «الإِيمانِ والرَّجَاءِ وَالمحبَّةِ»= 1كُو13: 13.
(4) الحديثُ عَنْ دورِ الملائكةِ في تَقْدِيمِ النَّامُوس (عِبْ2: 2)= غَلَ3: 19.
(5) مَفْهُوم تَوزيع [(مِرِسمويس)= مَواهب الرُّوح] (عِبْ2: 4)= أَفَ4: 8.
(6) تَنَوّع المواهب والقُوَّات (عِبْ2: 4)= 1كُو12: 4- 6، 14- 17.
(7) القُوَّات لَيْسَتْ نَاتِجَةً مِنْ إِمْكَانَاتِ الْبَشَرِ بَلْ بِإِرَادةِ الرُّوح (عِبْ2: 4)= 1كُو12: 11.
(8) عِبْ2: 6 اقْتِبَاس مِنْ (مَز8) مَعَ التَّنْبِيرِ عَلَى آدَم= 1كُو15: 27؛ رُو5: 14-19.
(9) فِي عِبْ2: 9 يَبْرُزُ المجد مِنْ أَلمِ الموتِ= فِي2: 8-11.
(10) مُتَوّج بالمجدِ (عِبْ2: 7)= فِي2: 9.
(11) لَهُ خُضُوع الْكُلّ (عِبْ2: 7)= 1كو15: 27، 28.
(12) «مَنْ أَجْلِهِ وَبِهِ الْكُل» (عِبْ2: 10)= رُو11: 36.
(13) الَّذِين قَدَّسهُمْ دَعَاهمْ إِخْوة (عِبْ2: 11)= رو8: 39.
(14) انْتِصَارُ المسيح عَلَى إِبليس فِي الصَّليبِ (عِبْ2: 14)= كُو2: 15.
(15) الْكَلِمة [(دولايا)= عُبُودِيَّة] لَمْ تَرِدْ إِلَّا فِي (عِبْ2: 15 وفِي رُو8: 15، 22؛ غَلَ4: 24؛ 5: 1) أَي لَمْ تَرِدْ إِلَّا فِي كِتَابَاتِ بُولُس الرَّسول.
(16) نَسْل إِبْرَاهيم (عِبْ2: 16)= رُو4: 11، 13؛ 2كُو11: 22؛ غَلَ3: 16، 29. وَلَمْ تَأْتِ خَارج كِتَابَاتِ بُولُس إِلَّا عَلَى لِسَانِ اسْتِفَانُوس فِي أَعْ7: 5.
(17) [(كْلاِ سُوس)]= دَعوة (عِبْ3: 1)= رُو11: 29؛ 1كُو1: 29؛ 7: 20؛ أَفَ1: 8؛ 4: 4؛ فِي3: 14؛ 2تَسَ10: 11؛ 2تِي1: 9 (وَخَارِج كِتَابَاتِ بُولُس لَمْ تَرِدْ إِلَّا فِي 2بُطْ1: 10). وَحَتَّى الفعل «دُعِيتُمْ» [(إِكلَا ثِيتى)] وَالَّذِي يَرِد مَعَ ذَاتِ الاسْمِ فِي ذاتِ الْعَددِ لَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي كِتَابَاتِ بُولُس فَقَطْ (أَفَ4: 1؛ 1كُو7: 21، 22، 24؛ 2تِي1: 9).
(18) الْكَلِمَةُ اعْتِرَاف [(هُومولوجياس)] عِبْ3: 1؛ 4: 14؛ 10: 23 لَا تُوجَد إِلَّا فِي 2كُو9: 13.
(19) «سِيْف ذِي حَدَّيْنِ» (عِبْ4: 12) كَتَشْبِيهٍ لِكَلِمَةِ الله= أَفَ6: 17.