الوحدانية، تأتي من الأصل "واحد"، والوحدانية Unity، تختلف عن الوحدة Unit، التي تعني وحدة مفردة، أو وحدة قياس، وتختلف أيضاً عن Unite ، التي تعني "اتَّحد أو تأَلَّف"[1]،
لذلك عندما نقول بوحدانية الله، فإننا لا نقصد الوحدانية الحسابية
العددية، لأن الله لا يُعد، ، لكننا نُعلِّم بأن الله واحد، ويظل السؤال:
ماذا نعني بوحدانية الله؟ أو ما هو المقصود بالقول أن "الله واحد"؟!.
وبدراسة المعاني المختلفة للوحدانية نجد أمامنا بعض المفاهيم عن الوحدانية، فما هي يا ترى الوحدانية التي لله؟.
يؤمن جميع المؤمنين بالله، بوجود الله، وكل موجود عاقل له شخصية، وصفات،
وأسماء، وفي ضوء هذه المعطيات يمكننا أن نتعرف على بعض معاني الوحدانية،
لنرى ما هو المقصود بوحدانية الله، وما هو الإيمان المسيحي بوحدانية الله؛
يستعرض الأستاذ عوض سمعان[2] في كتاب"الله في المسيحية" بعض من صور هذه الوحدانية، ليصل إلى المفهوم المسيحي لمعنى وحدانية الله، فيقول:
1. الوحدانية المجردة
إن الوحدانية المجردة، تعني أن لا صفات فيها، ومَن يقولون بوحدانية الله
المجردة، فهم بذلك ينأون بالله عن أن يتصف بأية صفة، باعتبار أن الله عندما
يتصف بصفات معينة، فإنه يكون إلهاً محدوداً بحدود هذه الصفات، وهم يقولون
بأن الله فوق الوجود، وفوق العالم، وفوق الإرادة، ونقطة الضعف في هذه
الصورة من الوحدانية، إنها تجعل من الله غير موجود، لأن مَن هو فوق الوجود،
يكون خارج الوجود، ومن هو فوق الإرادة غير مريد، ولذلك فإن إلهاً مثل هذا
لا يمكن أن يكون إلهاً حقيقياً.
2. الوحدانية المطلقة
يؤمن أصحاب هذا الفكر، بأن الله كائن، موجود، ووجوده أمر حتمي، ووحدانيته
مطلقة، لا حدَّ لها، وهم ينقسمون إلى فريقين عند نسبة الصفات لله، فمنهم
مَن يقول أن الله ذات يتصف بالصفات السلبية، كعدم الإرغام، وعدم الجهل،
وغيرها، ومنهم مَن يقول بأن الله ذات يتصف بكل الصفات الإيجابية كالعلم،
والإرادة وغيرها، على أن هذه الصفات لم يكن لها ظهور أو مجال تعمل فيه، قبل
الخلق، أي أن صفات الله كانت موجودة منذ الأزل، لكنها صارت فاعلة عند
الخلق، لكننا إذا سلمنا بهذه النظرية نكون آمنا بأنه في لحظة من الزمن قد
حدث تغير في الله، وحاشا لله من التغيير.
3. الوحدانية الجامعة المانعة
أي الشاملة والجامعة لكل ما هو لازم وجود صفات الله بالفعل، بصرف النظر
عن وجود الكائنات أو عدم وجودها، لأنه بذلك يكون منذ الأزل الذي لا بدء له،
عالماً ومعلوماً، عاقلاً ومعقولاً، محباً ومحبوباً، دون أن يكون هناك
تركيب في ذاته أو شريك معه، الأمر الذي يتوافق كل التوافق مع كماله،
واستغنائه بذاته عن كل شئ في الوجود.
وحدانية تتصف بكل الصفات الإيجابية اللائقة بها، وحدانية لها مميزات خاصة
بها، تنشأ بسببها بينها وبين ذاتها علاقات خاصة منذ الأزل وإلى الأبد. " هذه المقالة من موقع المفاهيم والاصطلاحات اللاهوتية"
لذلك لا يٌقصد بوحدانية الله الجامعة المانعة أن هناك آلهة مع الله، أو أن
هناك تركيب في ذاته، بل يقصد بها أن ذاته الواحدة التي لا تركيب فيها على
الإطلاق، هي بنفسها جامعة مانعة، أي تتميز بكل المميزات الروحية اللائقة
بكمالها، واستغنائها عن كل شئ غيرها منذ الأزل، وإذ كان الأمر كذلك فليس في
إسناد هذه الوحدانية إلى الله ما يٌفهم منه أن له شريكاً أو به تركيباً[3].
[1]Karmi, S Hasan. Al-Manar, An English – Arabic Dictionary. 1971.pp 809.
[2]سمعان، عوض. الله في المسيحية. (القاهرة: الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، 1993) 42، 127.
[3]سمعان، عوض. المرجع السابق. صفحة 127، 55.